على الرغم من إرتفاع وتيرة العمليات العسكرية في جنوب لبنان، في الأيام الماضية، إلا أن هناك مؤشرات إيجابية يمكن البناء عليها، تأكدت بعد الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان إلى بيروت، في نهاية الأسبوع المنصرم، خصوصاً لناحية حديثه عن إتصالات مع الولايات المتحدة بشأن الساحة المحلية.
من حيث المبدأ، أكدت تصريحات عبد اللهيان أن هناك ما يشبه التوافق الأميركي الإيراني، ولو كان ذلك بصورة غير مباشرة، على تفادي تحول المواجهات الجنوبية إلى حرب شاملة، حيث تلعب واشنطن دوراً أساسياً في منع تل أبيب من الذهاب إلى هكذا خيار، بسبب قلقها من التداعيات التي قد تترتب على ذلك، لا سيما ما يتعلق منها بإحتمال تورطها بحرب، لا تريدها، على مستوى المنطقة.
في هذا السياق، تشير مصادر نيابية، عبر "النشرة"، إلى أن هذا الواقع، بالرغم من إعتراض العديد من الأفرقاء اللبنانيين عليه، يوحي بإمكانية الرهان على تسوية، لا تقتصر على الأوضاع العسكرية، بل تشمل أيضاً الملفات الداخلية العالقة، خصوصاً الإستحقاق الرئاسي، لا سيما أن الجميع يدرك تأثير الدولتين في هذا الإستحقاق بطريقة أو بأخرى، وهو ما يفترض أن يتضح أكثر في الفترة المقبلة.
وتلفت هذه المصادر إلى أن أهمية المواقف التي أدلى بها عبد اللهيان، تكمن بأنها تأتي بعد تصعيد كبير شهدته العلاقة بين الدولتين، بعد الهجوم الذي كانت قد تعرضت له القوات الأميركية على الحدود السورية الأردنية، ما يعني أنهما توافقتا على التهدئة ومنع الذهاب إلى أي خطوة تصعيدية، من الممكن أن تفتح أبواب المنطقة أمام حرب شاملة.
بالنسبة إلى المصادر نفسها، هذه الوقائع ستعيد إلى الواجهة الحديث المتكرر عن إمكانية حصول "مقايضة"، لا يزال الجميع يحرص على نفي وجودها، لكن المؤشرات عليها قائمة، فواشنطن كانت قد لعبت دوراً في الحد من تحرك سفراء اللجنة الخماسية، في الفترة الماضية، عبر توجيه رسائل مباشرة بعدم ذهاب أي جهة إلى القيام بخطوات منفردة، ما يعني أنها تريد أن تبقى هذه الورقة التفاوضية بيدها، بينما الذهاب إلى أي ترتيب يتعلق بالجبهة الجنوبية، لا يمكن أن يكون بمعزل عن الواقع السياسي الداخلي.
في هذا الإطار، تلفت المصادر النيابية إلى أنه لا يمكن الحديث عن تقدم نوعي، في الوقت الحالي، على مستوى الإستحقاق الرئاسي، لكن ما يمكن الإشارة إليه هو أن هناك محاولات لتمهيد الأرضية من أجل إحداث خرق ما، الأمر الذي لا يمكن فصله عن الخطوات التي كانت قد قامت بها المملكة العربية السعودية مؤخراً، خصوصاً اللقاء الذي جمع سفيرها في بيروت وليد بخاري مع نظيره الإيراني مجتبى أماني.
من وجهة نظر هذه المصادر، حضور هذا الثلاثي في أي تسوية محلية أكثر من ضروري، نظراً إلى أن دور باقي اللاعبين مساعد لكنه غير حاسم، وبالتالي لدى كل من واشنطن والرياض وطهران حق "الفيتو"، الأمر الذي لا يملكه أي فريق خارجي آخر، وترى أن التواصل بينهم هو السبيل لإنضاج التسوية اللبنانية، لكن ذلك يتطلب الوصول إلى المعادلة المرضية، التي لا تزال تحتاج إلى المزيد من الوقت.
في المحصلة، تعود المصادر نفسها إلى التشديد على أن كل السيناريوهات تبقى مفتوحة، بالنسبة إلى شكل التسوية التي من الممكن الذهاب إليها، وهو ما يدفع الأفرقاء المحليين إلى تحضير انفسهم لكافة الإحتمالات، كمثل الحديث، في هذه الأيام، عن إمكانية عودة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري إلى المشهد السياسي، بناء على تسوية كبرى قد تحصل.